العلاقة بين البراند الشخصي وبيع الخدمات

كيف يحقّق البراند الشخصي أرباحاً بمليارات الدولارات بينما تعاني شركات كبيرة تقدّم منتجاً أفضل وتصرف الملايين على الإعلانات؟ هذه ليست مبالغة، بل حقيقة تستطيع التأكد منها بالبحث لأقل من 5 دقائق عن أي شخص مشهور تعرفه. لوح الشوكولا الذي يبيعها مستر بيست في ستوكهولم، حيث أنا الآن، يباع بثمن يساوي 4 أضعاف لوح آخر يفوقه جودة. ما السبب؟

لن أحدّثك عن بيع الشوكولا أو بناء براند شخصي مليوني لتحقيق دخل من 7 أرقام. بل عن كيفية بناء براند شخصي لبيع خدماتك عالية القيمة، حتّى لو كان لديك ألف متابع فقط.

رحلة اكتشافي للبراند الشخصي

بدأت بناء تواجدي الرقمي دون أن أملك أدنى فكرة عن كيف أجني فلساً واحداً أونلاين، سوى عبر فكرة تعلّمتها في أحد الكورسات وحاولت تطبيقها. ملخّص الفكرة: تريد دخل اضافي؟ ابحث عن جمهور يحتاج خدمة ما، ابحث عن مزود لهذه الخدمة، وكن الوسيط بينهما. ألف باء تجارة.

كانت الفكرة بالنسبة لي كمن اكتشف كنزاً عن بناء مصدر دخل إضافي. كنت موظف مع مسؤوليات مادية متزايدة، وكما يقال بالمثل الشعبي: "الغريق يتعلّق بقشّة". أقدمت على تطبيق هذه الفكرة مباشرةً. بنيت موقعاً، تواصلت مع عدّة مستقلّين، ثم بدأت البحث عن عملاء لخدمات لها علاقة بتصميم الإعلانات. فشلت في إقناع أي عميل طبعاً، لأن النصيحة التي اتّبعتها تفتقد الاجابة عن عدّة أسئلة في غاية الأهمية:

ما هي الميزة التي لدي؟

ما هي فرصي بين المنافسين؟

لما سيلجأ العملاء لي دوناً عن غيري؟

بمعنى آخر، بدون ميزة تنافسية أنت تعتمد على الحظ ودعوات والديك لجذب العلماء.أما اذا أردت تمييز نفسك بشكل فعّال لجذب العملاء فأنت أمام طريقين لفعل ذلك، إمّا التميّز على مستوى الخدمة، أو التميز الشخصي.

1. التميز على مستوى الخدمة

هنا يجب أن تملك عرض عمل لا يقاوم من خلال التركيز على واحدة من هذه الأمور أو على جميعها:

-تقديم سعر منافس برفع مستوى كفاءتك

-التخصّص في خدمة جمهور معيّن لا يخدمه أحد غيرك

-أو رفع جودة الخدمة المقدّمة بإضافة ميزات تتعلّق بوقت التسليم أو الجهد المطلوب من عميلك

كل هذه أشياء جيدة لامتلاك ميزة تنافسية، ولكنها غير مستدامة. بمعنى أنك لو نافست على مستوى تفرّد الخدمة، من السهل أن يعرف عنك المنافس لاحقاً وينسخك، وقد يمتلك الموارد لتجاوزك. هنا أنت تضع نفسك في منافسة وملاحقة دائمة لمن حولك. تارةً تلجأ للإعلانات، وتارة لتقديم تنازلات مادية لوسيط ما حتى يوظّفك.

ما الحل البديل؟ التميّز الشخصي.

2. التميّز الشخصي / البراند الشخصي

شخص يدعى فين مكينتي استضافه كريس دو في قناته The Futur (انصحك جدّاً بمتابعتها) للحديث عن تجربته في التسويق، قال فين جملة قد تبدو مستفزة للبعض ولكنها حقيقة "مقياس نجاحك اليوم هو أن تكون مرئيّاً، كونك كفؤ وتقدّم خدمة ممتازة لن يطعمك خبزاً". قد لا تعجبك مقولة كهذه، ولكن تقبّلها كحقيقة وواقع هو مايقرّبك من الوصول إلى عملائك مستقبلاً.

ما هو البراند الشخصي اذاً؟

هو شيء لا يستطيع أحد أن يسلبك اياه، وأجمل مافيه أنه يساعدك على خلق ميزة تنافسية ثابتة عندما تكون مزوّداً للخدمات. لماذا؟

لأن كل شيء يتعلّق في الخدمات يمكن تكراره، باستثنائك أنت، أنت غير قابل للنسخ. العالم ستشتري منك لشخصك، هذه قوّة البراند ببساطة.

كيف تكون براند شخصي في أي مجال؟

كبراند أنت لن تسعى لجمع المتابعين في السوشيال ميديا، ولكن ستجمع جمهوراً. مالفرق؟ يقرّر المتابع متابعتك لأنّه أعجب بمنشور لك، أو بتعليق أضفته عند شخص آخر، أو لأنه يرى أنك قد تضيف له أي شيء مفيد مستقبلاً. عدّة أسباب تحفّز أي شخص لمتابعتك عندما تشارك محتوى في السوشيال ميديا. ولكن متى يتحوّل هذا المتابع إلى جمهور؟ عندما يسمعك ويقرأ لك ويمنحك وقته بدون أن تطلب منه. الجمهور مستعدّ لشراء أي شيء تبيعه له.

6 ممارسات تحوّل المتابع إلى جمهور:

في كتاب Influence الذي أنصحك بقراءته (النسخة المحدّثة) يشرح الكاتب الممارسات الست الأكثر تأثيراً على قرارات الآخرين للشراء منك. عندما تضع تلك الأشياء مع معايير البراندات المعروفة، تستطيع أن تصل إلى وصفة أسميها وصفة البراند التي تبيع. هذه الوصفة لا تنطبق بالضرورة على كل شيء، ولكن عليك كمستقل أو صاحب وكالة أو خبير تسعى لبيع خدماتك عالية القيمة.

1. عزّز الامتنان: قدّم معروفاً لمن يتابعك. هذا المحرّك الرئيسي وراء المحتوى القيّم والمجاني الذي تقرؤه عند بعض المبدعين، وسبب عرض بعضهم لكورس أو استشارة مجانية، حتّى تحس بالامتنان. ولكن انتبه!! تقديم أي شي مجاني لا يضمن بالضرورة الامتنان، فقد يكون مفعوله عكسي عندما لا يكون أصيلاً. هذا مايحصل عادةً مع خبير ينسخ أفكار غيره أو يستعين بالذكاء الاصطناعي فقط لإنتاج أفكار المحتوى، أو عندما يقدّم معلومة مجانيّة هي متفوفّرة أصلاً بدل تقديم خبرات. 

2. استمر والتزم: فرصة أن يشتري منك شخص خدمة ثانية أو ثالثة أكبر من شراء شخص لخدماتك أوّل مرّة. كلّما استهلك جمهورك منتجاتك وخدماتك المجانية أو المدفوعة، زاد تعلّقهم بما تقدّم وثقتهم به. هذا لا يتحقّق عندما تظهر وتختفي. يجب أن تظهر باستمرار، حتّى تحافظ على التزام معلن أو غير معلن من جمهورك بمتابعة خدماتك وإعطائك اي ملاحظة مفيدة لتطويرها. الموضوع لا يتعلّق بالبيع فقط، بل بتطوير خدماتك كذلك، هذا مكسب اضافي.

3. قدّم دليلك الاجتماعي: ماذا يقول الناس عنك؟ كل تجربة نجاح حقيقية تزيد من ثقة الآخرين بما تقدّمه. الناس تثق برأي الآخرين بعملك وأدائك أكثر من أي شيء آخر. اذا بدأت من الصفر بدون أي تجارب عملاء، تستطيع بتحقيق النجاح لنفسك أن تبني دليلك الاجتماعي. مثال: "أحجز مع 3 عملاء أسبوعيّاً لبيع خدمات مرتفعة القيمة، استطيع مساعدتك لتحقيق نفس الأمر"

4. اسعى لتكون محبوباً: يميل الناس للشراء ممّن يعرفونهم ويحبونهم. مشاهير الانستغرام يعتمدون على جاذبيتهم ومظهرهم لكسب هذا الحب، ولكنّها ليست الطريقة الوحيدة. سيحبك الآخرين عندما تشاركهم نفس الافكار، نفس القيم، ونفس الاهتمامات.

يفشل البعض باكتساب هذه المحبّة لانه اختار أن يكون مجهولاً. لا يشارك أي فكرة اصيلة لخوفه من حكم الآخرين، لا يظهر ما يؤمن به، ويتجنّب الحديث عن اهتماماته. لا تفعل هذا، سلاح الحب يسهّل عليك الكثير من العقبات.

5. أظهر سُلطَتك: لن تفتح فمك لطبيب أسنان يرتدي ملابس عمال البناء، ولن تقف لشرطي مرور يرتدي مئزر طبيب، أليس كذلك؟ بعض الأشياء قادرة أن تعكس سلطتك في المجال الذي تتحدّث عنه. كيف تكون لديك سلطة كمصمّم غرافيك عندما تصمّم صفحة بيع أو لوغو رديء لنفسك؟ وكيف أكون كاتب تسويقي صاحب سلطة عندما أكتب نص تسويقي يشبه إعلان من القناة السورية الأولى في التسعينات؟

6. تمركز / تخصّص: عندما تحاول الوصول للجميع، لن تصل لأحد. هذه قاعدة أساسية من أساسيات تسويق أي براند. لا تحاول أن تكون للجميع ولكن لفئة محدّدة حتّى تجذب انتباههم في عالم مليء بالضوضاء. ختمت بهذا المعيار لأهميته البالغة. قد تفعل كل ما سبق، ولكن عندما لا تكون متخصّصاً صعب أن تصل لعميلك المثالي.

الخلاصة:

ليست كل البراندات الشخصية الرابحة أطفال يرقصون في تيكتوك أو قنوات مليونية على يوتيوب. تستطيع أن تكون براند شخصي يجني الأرباح بوصفة أبسط وأقل تكلّفاً. ضع خبرتك ومعرفتك أمام الجمهور الصحيح بالشكل الصحيح؛ تجني الأرباح ولو كان لديك ألف متابع.

الأسئلة الشائعة:

كيف أختار المنصّة المناسبة لبناء العلامة الشخصية / البراند الشخصي؟

كون الحديث عن بيع الخدمات مرتفعة القيمة، فغالباً هي موجّهة للشركات B2B، سواء الصغيرة منها أو الكبيرة، لينكدان مكان مثالي لتبدأ ببناء علامتك الشخصية. لينكدان مناسبة كذلك لبيع الأفراد B2C إلى جانب انستاغرام. 

ما المحتوى الذي يبني علامتي الشخصية ويساعدني في بيع خدماتي بنفس الوقت؟ 

يجب أن تعرف كيف تصنع محتوى تسويقي يجيب عن أسئلة كل من هو مهتم بالخدمة التي تقدّمها سواء كان عميلك، من يملك خبرتك في المجال، وكل من يتطلّع للتعلّم أكثر عن المجال من خلالك.